الفكر الاقتصادي عند الرومان
اعتمدت الحضارة الرومانية القديمة على الزراعة كنشاط اقتصادي رئيسي، والعبيد هم المحرك للنشاط الاقتصادي، وقد تم الانتقال من الاقتصاد العائلي البسيط إلى اقتصاد زراعي مغلق، ثم إلى اقتصاد استعماري امبراطوري يعتمد على التجارة أيضا، وذلك بعد الفتوحات الرومانية واتساع حكم روما. وبالرغم من السيطرة العسكرية لروما على كثير من دول العالم، إلا أنها ظلت تابعة لليونان من الناحية المعرفية والفكرية، حيث أن الحضارة الرومانية تلت الحضارة اليونانية وبذلك تمكنت روما من نقل العلوم والمعارف اليونانية التي مكنتها لاحقا من تجاوز مشاكلها طيلة تاريخها.
وبالرغم من الظواهر الاقتصادية الجديدة التي ظهرت في روما مثل التضخم الشديد في القرنين الثالث والخامس بعد الميلاد، إلا أن ذلك لم يؤد إلى بروز فكر اقتصادي أو نظريات اقتصادية لمواجهة هذه الظواهر والمشكلات الاقتصاديةalbayan[1]، وأن معظم الأفكار الاقتصادية كانت امتدادا للفكر اليوناني، فلا نجد فكرا رومانيا خالصا، باستثناء بعض الأعمال القانونية التي تم تنظيم الاقتصاد من خلالها. ويمكن إدراج أهم الأفكار الاقتصادية التي سادت في العصر الروماني فيما يلي 3[2]:
1. الزراعة: كان الاهتمام منصبا في البداية على الزراعة وحدها باعتبارها المصدر الأول للثروة، وبقيّت الأنشطة عقيمة وغير منتجة ومحل احتقار،وقد كانت علاقات الإنتاج قائمة على أساس الملكة الفردية لوسائل الإنتاج، وأهم ما ميز النشاط الزراعي آنذاك هو تطور هدف الإنتاج من مجرد إشباع الحاجات الاستهلاكية إلى الإنتاج بهدف المبادلة وتكوين الثروة.
2. التجارة: لم تكن محل اهتمام في البداية، حيث انحصر النشاط التجاري بتبادل المنتجات الزراعية بالمنتجات الحرفية في المدينة، لكن مع توسع الحضارة الرومانية نشطت الحركة التجارية وتكونت طبقة التجار وأصحاب رؤوس الأموال الجديدة، وأخذ التحول ينتقل تدريجيا من الاقتصاد الزراعي إلى الاقتصاد التجاري.
3. النقود والفائدة: ساد الاعتقاد عند الرومان (لاسيما رجال الكنيسة) بعقم النقود وكرهوا التعامل بالربا، أي استخدام النقود للحصول على الفائدة، ولكن مع نمو التجارة وتطور التداول النقدي، أدى هذا إلى انتشار العمليات التسليفية وتقديم القروض بفائدة، وبدأت تظهر طبقة اجتماعية متميزة تمارس التجارة والربا.
4. طبقات المجتمع: أجاز القانون الروماني استلاء المواطنين الأحرار على العبيد الأجانب، وكانت الدولة تبيع أسرى الحروب للمواطنين، وبذلك كان المجتمع الروماني يقسم إلى الطبقات التالية:
-طبقة النبلاء والفرسان
-طبقة العامة
-طبقة العبيد
5. الملكية: أقر الرومان الملكية الخاصة المطلقة، والتي لم يتم تقييدها بأية اعتبارات أخلاقية، كما أقروا بحق الفرد بأن يفعل ما يشاء بممتلكاته وأن يمنع الغير منها كما يشاء، كما أكدوا على أن النشاط الاقتصادي يجب يترك الأفراد يتعاشون بحرية تامة دون أي تدخل من الدولة.
6. القانون (التشريع) الروماني: لم يكن اهتمام الرومان بالأمور الاقتصادية كبيرا، إلا أن اهتمامهم بالسياسة والتشريع احتل الصدارة، وظهر تميزهم فيها، وقد وضع الفقهاء الرومانيون العديد من القوانين لتنظيم الحياة الاجتماعية والاقتصادية وعلاقة المواطنين الرومانيين بسكان المجتمعات الأخرى، وتتمثل في ثلاثة قوانين هي :
-القانون الطبيعي: تتلخص فكرة القانون الطبيعي في الاعتقاد بأن هناك قانونا طبيعيا ليس من وضع الإنسان، بل من صنع الطبيعة والذي يخضع له جميع الأفراد، وهذا القانون دائم لا يتغير من زمن آخر، وهو عام ينطبق على جميع الناس. كما أن هذا القانون الطبيعي ينظم الحياة الاقتصادية كما تنظم قوانين الطبيعة الأخرى الظواهر الطبيعية ووظائف أعضاء جسم الإنسان.
-القانون المدني: وهو الشريعة الرومانية التي تمثل القوانين التي تنطبق على الرومانيين دون غيرهم من الشعوب الأخرى.
-قانون الشعوب: وهو القانون الذي تخضع له جميع المجتمعات، ومنه ظهرت الأحكام التي تنطبق على الأجانب والشعوب التابعة للحضارة الرومانية.