الفكر الاقتصادي عند توماس الإكويني (1226-1274م)
ويمكن عرض أهم الأفكار الاقتصادية التي نادى بها المدرسيون وعلى رأسهم "توماس الإكويني" فيما يلي 3[1]:
1. التقسيم الطبقي للمجتمع: لم يعارض المدرسيون التقسيم الطبقي للمجتمع، ورأوا بأن هذا الاختلاف ضروري لتأدية كل طبقة لوظيفتها، وأن التمييز بين الناس يجب أن ينظر إليه على أنه شيء عابر متعلق بالحياة الدنيا، ويجب الرضوخ لهذا الواقع حتى بالرغم من عدم عدالته، وأنه سوف تتحقق العدالة في الحياة الآخرة.
2. التبادل والتجارة:نظر المدرسيون بما فيهم "الإكويني" نظرة ممزوجة بين الموافقة والتحذير من التبادل، فهو يعترف بالتبادل لأنه ضرورة للمجتمعات، ولأن البقاء في اقتصاد مغلق إلى الأبد أمر مستحيل، وفي نفس الوقت يحذر من التبادل إذا كان الهدف منه الحصول على الثروات، لذلك اشترط أن يكون مقدار الربح المحقق من التجارة لا يزيد عن ذلك المقدار الذي يكفي لسد الحاجات الضرورية للمعيشة.
3. الملكية: كان الاتجاه الفكري العام يؤيد الملكية الفردية، وقد شارك "الإكويني" رأي أرسطو في أن تكون الملكية خاصة على أن الانتفاع بتلك الملكية يحب أن يعود بالنفع على العامة، وأن تكون مقيدة بحيث لا تؤدي إلى الغنى الفاحش ولا إلى الفقر المدقع.
4. السعر العادل:نادى "الإكويني" بفكرة الثمن العادل التي تحدث عنها "أرسطو"، وطبقها أيضا على الأجر والربح، فطالب بالأجر العادل والربح العادل، واعتبره مبدأ أخلاقيا ودينيا أكثر منه اقتصاديا، بحيث أن الفرد لا يمكنه أن يحقق ربحا مرتفعا جدا ولا منخفضا جدا، كي لا يحدث ضرر لفئة على حساب أخرى. كما أن كل فرد يجب أن يحصل على الأجر الذي يناسب طبقته الاجتماعية فقط. غير أن هذا التبرير عند الإكويني كان لخدمة النظام الاقطاعي المتكون من طبقات متميزة.
5. الإقراض بفائدة: يعتبر "الإكويني" أهم من كتبوا حول موضوع الفائدة في عصره، وقد نادى بتحريم الإقراض بفائدة واعتبره ربا محرما، مستندا في ذلك على أقول الكنيسة وآراء أرسطو، حيث يرى أن النقود عقيمة ولا يمكن الحصول منها على فائدة أو ربح، كما كان يرى بأن الفائدة التي تدفع مقابل الزمن الذي تم التنازل فيه عن النقود غير مشروعة، لأن الزمن ملك لله وليس للفرد.
ولكن مع تطور التعاملات النقدية في أواخر العصور الوسطى، أصبح التعامل بالفائدة نشاطا متزايدا دون الأخذ برأي الكنيسة، خاصة من طرف أصحاب المال، مما أدى إلى تكييف رأي الكنيسة معهمفسمح ببعض الاستثناءات في موضوع الفائدة (الربا)، ومثال ذلك تعديل فكرة الفائدة على أنها المقابل الشرعي لفرصة الكسب البديلة، أي فرصة الاستثمار وكسب الربح التي أضاعها الفرد عندما قام بتسليف أمواله لشخص آخر.
6. الثروة: اعتَبر "الإكويني" الأرض المصدر الوحيد للثروة والناتج، وبذلك فقد سبق الطبيعيين في هذا المجال.