النظام الإقطاعي وعلاقته بالفكر الاقتصادي في أوروبا

كان النظام السائد في العصور الوسطى في أوروبا هو النظام الإقطاعي إلى جانب نظام الرق، لاسيما خلال الفترة من القرن 5 إلى القرن 10م (وخلال الفترة من القرن 11 إلى القرن 15م ساد النظام الحرفي)، ويقوم النظام الإقطاعي على التبعية وحيازة الأرض، بمعنى أن كل سيد (حاكم إقطاعية) يعيش في إقطاعتيه ويخضع له كل من يعيش فيها من جنود ورقيق الأرض، بحيث يرتبط من يعيش في تلك الإقطاعية برباط التبعية لحاكم الاقطاعية. وهكذا كان النظام الإقطاعي يقوم على أساس نظام هرمي على رأسه الامبراطور الذي يخضع له مباشرة أسياد (حكام) الاقطاعيات، والذين يخضع لهم بدورهم كل سكان الاقطاعية. وبانتشار الحروب والعداوات بين الاقطاعيات بدأ كل قطاع بالانعزال والانغلاق على نفسه، وأصبحت كل إقطاعية تكوّن وحدة اقتصادية واجتماعية وسياسية مستقلة تقوم على أساس الاكتفاء الذاتي، حيث أن الفلاحين الأقنان (عبيد الأرض) يقومون بالإنتاج الفلاحي في الضيعة المملوكة للسيد، كما أن الأشغال الصناعية والحرفية كانت تتم داخل الإقطاعية أيضا.

وتتمثل أهم الخصائص الاقتصادية للنظام الاقطاعي فيما يلي 2[1]:

 كانت الزراعة هي النشاط الاقتصادي الرئيسي، ويمثل الإنتاج الزراعي المصدر الوحيد تقريبا لإشباع حاجيات السكان؛

 تميز اقتصاد الاقطاعيات بالاكتفاء الذاتي؛

 كانت الصناعات اليدوية محتكرة من طرف تجمعات مهنية تعرف بالطوائف الحرفية لتجنب المنافسة، وكان الإنتاج يلبي حاجيات الإقطاعية فقط ولم يكن موجها للسوق؛

 كان هناك شبة انعدام للتجارة والاقتصاد النقدي، فاستخدام النقود كان محدودا جدا والتعامل كان يتم على أساس المقايضة؛

 كان المجتمع مقسما إلى ثلاث طبقات: طبقة النبلاء والفرسان، طبقة جال الدين، طبقة الحرفيين والفلاحين (رقيق الأرض)

 كانت الكنسية تمثل السلطة العليا في البلاد لأن كل ما يرتبط بالأمور الدينية وأمور الحكم يجب أن يكون خاضعا للدين، وكانت تنافس الأمراء سلطاتهم الدنيوية؛

 كانت الكنيسة تساند النظام الإقطاعي وتلعب دورا مهما فيه، وقد كان النشاط الاقتصادي خاضعا للكنسية لهذا بقي الفكر الاقتصادي خاضعا للتعاليم الدينية ومرتبطا بالنظام الإقطاعي من حيث النشاط. وقد احتكرت الكنيسة التعليم والإرشاد بشكل تام، لذا كان يطلق على رجال الدين الذين كانوا يعلمون الدين والفلسفة والقانون اسم "المدرسيين" لأنهم كانوا هم المعلمين،ويعتبر القسيس "توماس الإكويني"أهم هؤلاء المدرسين وأكبر ممثل لفكرهم في العصور الوسطى.